كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفائدة ذكر {من بعد غلبهم} التنبيه على عظم تلك الهزيمة عليهم، وأنها بحيث لا يُظن نصر لهم بعدَها، فابتهج بذلك المشركون؛ فالوعد بأنهم سيغلبون بعد ذلك الانهزام في أمد غير طويل تحدَ تحدَّى به القرآن المشركين، ودليل على أن الله قدر لهم الغلب على الفرس تقديرًا خارقًا للعادة معجزة لنبيئه صلى الله عليه وسلم وكرامة للمسلمين.
ولفظ {بضع} بكسر الموحدة كناية عن عدد قليل لا يتجاوز العشرة، وقد تقدم في قوله تعالى: {فلبث في السجن بضع سنين} في سورة يوسف (42).
وهذا أجل لرد الكَرَّة لهم على الفرس.
وحكمة إبهام عدد السنين أنه مقتضى حال كلام العظيم الحكيم أن يقتصر على المقصود إجمالًا وأن لا يتنازل إلى التفصيل لأن ذلك التفصيل يتنزل منزلة الحشو عند أهل العقول الراجحة وليكون للمسلمين رجاء في مدة أقرب مما ظهر ففي ذلك تفريج عليهم.
وهذه الآية من معجزات القرآن الراجعة إلى الجهة الرابعة في المقدمة العاشرة من مقدمات هذا التفسير.
روى الترمذي بأسانيد حسنة وصحيحة أن المشركين كانوا يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإياهم أهل أوثان وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب مثلهم فكانت فارس يوم نزلت ألم غلَبت الروم قاهرين للروم فذكروه لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله فقال رسول الله: «أما أنهم سيَغلبون» ونزلت هذه الآية فخرج أبو بكر الصديق يصيح في نواحي مكة {ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} [الروم: 13] فقال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارسَ في بضع سنين أفلا نراهنك على ذلك قال: بلى وذلك قبل تحريم الرهان وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسمّ بيننا وبينك وسطًا ننتهي إليه.
فسمّى أبو بكر لهم ست سنين فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان فمضت ست السنين قبل أن يظهر الروم فأخذ المشركون رهن أبي بكر.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «ألا أخفضت يا أبا بكر، ألا جعلته إلى دون العشر فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع».
وعَاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين وأسلم عند ذلك ناس كثير.
وذكر المفسرون أن الذي راهن أبا بكر هو أُبَيّ بنُ خلف، وأنهم جعلوا الرهان خمسَ قلائص، وفي رواية أنهم بعد أن جعلوا الأجَل ستة أعوام غيروه فجعلوه تسعة أعوام وازدادوا في عدد القلائص، وأن أبا بكر لما أراد الهجرة مع النبي صلى الله عليه وسلم تعلق به أُبي بن خلف وقال له: أعطني كفيلًا بالخَطَر إن غُلبْتَ، فكفل به ابنه عبد الرحمان، وكان عبد الرحمان أيامئذ مشركًا باقيًا بمكة.
وأنه لما أراد أُبي بن خلف الخروج إلى أُحُد طلبه عبد الرحمان بكفيل فأعطاه كفيلًا.
ثم مات أُبي بمكة من جرح جَرحَه النبي صلى الله عليه وسلم فلما غلَب الروم بعد سبع سنين أخذ أبو بكر الخطَر من ورثة أبي بن خلف.
وقد كان تغلب الروم على الفرس في سنة ست وورد الخبر إلى المسلمين.
وفي حديث الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين، والمعروف أن ذلك كان يوم الحديبية.
وقد تقدم في أول السورة أن المدة بين انهزام الروم وانهزام الفرس سبع سنين بتقديم السّين وأن ما وقع في بعض الروايات أنها تسع هو تصحيف.
وقد كان غلب الروم على الفرس في سلطنة هرقل قيصر الروم، وبإثره جاء هرقل إلى بلاد الشام ونزل حمص ولقي أبا سفيان بن حرب في رهط من أهل مكة جاءوا تجارًا إلى الشام.
واعلمْ أن هذه الرواية في مخاطرة أبي بكر وأُبي بن خلف وتقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياها احتج بها أبو حنيفة على جواز العقود الربوية مع أهل الحرب.
وأما الجمهور فهذا يرونه منسوخًا بما ورد من النهي عن القمار نهيًا مطلقًا لم يقيد بغير أهل الحرب.
وتحقيق المسألة أن المراهنة التي جرت بين أبي بكر وأُبَيّ بن خلف جرت على الإباحة الأصلية إذ لم يكن شرع بمكة أيامئذ فلا دليل فيها على إباحة المراهنة وأن تحريم المراهنة بعد ذلك تشريع أنفٌ وليس من النسخ في شيء.
{للَّه الأمر من قَبْلُ وَمنْ بَعْدُ}.
جملة معترضة بين المتعاطفات.
والمراد بالأمر أمر التقدير والتكوين، أي أن الله قدر الغلب الأول والثاني قبل أن يقعا، أي من قبلل غَلب الروم على الفرس وهو المدة التي من يوم غلب الفرس عليهم ومن بعد غلب الروم على الفرس.
فهنالك مضافان إليهما محذوفان.
فبنيت {قبلُ وبعدُ} على الضم لحذف المضاف إليه لافتقار معناهما إلى تقدير مضافين إليهما فأشبهتا الحَرْف في افتقار معناه إلى الاتصال بغيره.
وهذا البناء هو الأفصح في الاستعمال إذا حذف ما تضاف إليه قبلُ وبعدُ وقُدّر لوجود دليل عليه في الكلام، وأما إذا لم تقصد إضافتهما بل أُريد بهما الزمن السابق والزمن اللاحق فإنهما يعربان كسائر الأسماء النكرات، كما قال عبد الله بن يَعرب بن معاوية أو يزيد بن الصعق:
فساغ لي الشراب وكنت قبلًا ** أكاد أغَصُّ بالماء الحميم

أي وكنت في زمن سبق لا يقصد تعيينه، وجوز الفراء فيهما مع حذف المضاف إليه أن تبقى فيهما حركة الإعراب بدون تنوين، ودرج عليه ابن هشام وأنكره الزجاج وجعل من الخطأ رواية قول الشاعر الذي لا يعرف اسمه:
ومن قبلل نادَى كلّ مولى قرابة ** فما عطفت مولًى عليه العواطف

بكسر لام {قبل} رادًّا قول الفراء أنه روي بكسرٍ دون تنوين يريد الزجاج، أي الواجب أن يروى بالضم.
وتقديم المجرور في قوله: {لله الأمْرُ} لإبطال تطاول المشركين الذين بهجهم غلب الفرس على الروم لأنهم عبدة أصنام مثلهم لاستلزامه الاعتقاد بأن ذلك الغلب من نصر الأصنام عُبادَها، فبين لهم بطلان ذلك وأن التصرف لله وحده في الحالين للحكمة التي بيناها آنفًا كما دل عليه التذييل بقوله: {ينصر من يشاء}.
فيه أدب عظيم للمسلمين لكي لا يعلّلوا الحوادث بغير أسبابها وينتحلوا لها عللًا توافق الأهواء كما كانت تفعله الدجاجلة من الكهان وأضرابهم.
وهذا المعنى كان النبي يعلنه في خطبه فقد كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن النبي فقال الناس: كسفت لموت إبراهيم فخطب النبي فقال في خطبته: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته.
وكان من صناعة الدجل أن يتلقن أصحاب الدجل الحوادثَ المقارنة لبعض الأحوال فيزعموا أنها كانت لذلك مع أنها تنفع أقوامًا وتضر بآخرين، ولهذا كان التأييد بنصر الروم في هذه الآية موعودًا به من قبلُ ليعلم الناس كلهم أنه متحدّىً به قبل وقوعه لا مدَّعى به بعد وقوعه، ولهذا قال تعالى بعد الوعود: {ويَوْمَئذٍ يَفْرَحُ المُؤْمنُونَ بنَصْر الله}.
{وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بنَصْر الله يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العزيز الرحيم}.
عطف على جملة {وهُمْ من بعد غلبهم} إلخ. أي ويوم إذ يغلبون يفرح المؤمنون بنصر الله أي بنصر الله إياهم على الذين كانوا غلبوهم من قبل وكان غلبهم السابق أيضًا بنصر الله إياهم على الروم لحكمة اقتضت هذا التعاقب وهي تهيئة أسباب انتصار المسلمين على الفريقين إذا حاربوهم بعد ذلك لنشر دين الله في بلاديْهم وقد أومأ إلى هذا قوله: {لله الأمْرُ منْ قَبْلُ ومنْ بَعْدُ}.
والجملة المضافة إلى {إذ} في قوله: {ويَوْمَئذٍ} محذوفة عوض عنها التنوين.
والتقدير: ويوم إذ يغلبون يفرحُ المؤمنون، ف {يومَ} منصوب على الظرفية وعامله {يَفْرَحُ المُؤْمنُون} وأضيف النصر إلى اسم الجلالة للتنويه بذلك النصر وأنه عناية لأجل المسلمين.
وجملة {ينصر من يشاء} تذييل لأن النصر المذكور فيها عامّ بعموم مفعوله وهو {من يشاء} فكل منصور داخل في هذا العموم، أي من يشاء نصره لحكَم يعلمها، فالمشيئة هي الإرادة، أي: ينصر من يريد نصره، وإرادته تعالى لا يُسأل عنها، ولذلك عُقب بقوله: {وَهُوَ العَزيزُ} فإن العزيز المطلق هو الذي يغلب كل مغالب له، وعقبه ب {الرَّحيم} للإشارة إلى أن عزّته تعالى لا تخلو من رحمة بعباده ولولا رحمته لما أدال للمغلوب دولة على غالبه مع أنه تعالى هو الذي أراد غلبة الغالب الأول، فكان الأمر الأول بعزته والأمر الثاني برحمته للمغلوب المنكوب وترتيب الصفتين العليتين منظور فيه لمقابلة كل صفة منهما بالذي يناسب ذكره من الغلبين، فالمراد رحمته في الدنيا.
{وَعْدَ اللَّه لَا يُخْلفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهرًا منَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُمْ عَن الْآخرَة هُمْ غَافلُونَ (7)}.
انتصب {وعد الله} على المفعولية المطلقة.
وهذا من المفعول المطلق المؤكد لمعنى جملةٍ قبله هي بمعناه ويُسميه النحويون مصدرًا مؤكدًا لنفسه تسمية غريبة يريدون بنفسه معناه دون لفظه.
ومثله في الكشاف ومثلوه بنحو لك عليَّ ألفٌ عرفًا لأن عرفًا بمعنى اعترافًا، أكد مضمون جملة: لك علي ألف، وكذلك {وَعْدَ الله} أكد مضمون جملة {وهُمْ منْ بَعْد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} [الروم: 3، 4].
وإضافة الوعد إلى الله تلويح بأنه وعد محقق الإيفاء لأن وعد الصادق القادر الغني لا موجب لإخلافه.
وجملة {لا يخلف الله وعده} بيان للمقصود من جملة {وَعْدَ الله} فإنها دلت على أنه وعد محقَّق بطريق التلويح، فبيّن ذلك بالصريح بجملة {لاَ يُخْلفُ الله وَعْدَهُ} ولكونها في موقع البيان فصلت ولم تعطف، وفائدة الإجمال ثم التفصيل تقرير الحكم لتأكيده، ولما في جملة {لاَ يُخْلفُ الله وَعْدَهُ} من إدخال الرَّوع على المشركين بهذا التأكيد.
وسماه وعدًا نظرًا لحال المؤمنين الذي هو أهم هنا.
وهو أيضًا وعيد للمشركين بخذلان أشياعهم ومن يفتخرون بمماثلة دينهم.
وموقع الاستدراك في قوله: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} هو ما اقتضاه الإجمال.
وتفصيله من كون ذلك أمرًا لا ارتياب فيه وأنه وعد الله الصادق الوعد القادر على نصر المغلوب فيجعله غالبًا، فاستدرك بأن مراهنة المشركين على عدم وقوعه نشأت عن قصور عقولهم فأحالوا أن تكون للروم بعد ضعفهم دَولة على الفرس الذين قهروهم في زمن قصير هو بضع سنين ولم يعلموا أن ما قدره الله أعظم.
فالمراد ب {أكثر الناس} ابتداءً المشركون لأنهم سمعوا الوعد وراهنوا على عدم وقوعه.
ويشمل المرادُ أيضًا كلَّ من كان يَعُد انتصار الروم على الفرس في مثل هذه المدة مستحيلًا، من رجال الدولة ورجال الحرب من الفرس الذين كانوا مزدهين بانتصارهم، ومن أهل الأمم الأخرى، ومن الروم أنفسهم، فلذلك عبر عن هذه الجمهرة ب {أكْثَر النَّاس} بصيغة التفضيل.
والتعريف في {النَّاس} للاستغراق.
ومفعول {يَعْلَمُون} محذوف دل عليه قوله: {سيغلبون في بضع سنين} [الروم: 3، 4].
فالتقدير: لا يعلمون هذا الغلب القريب العجيب.
ويجوز أن يكون المرادُ تنزيل الفعل منزلة اللازم بأن نزلوا منزلة من لا علم عندهم أصلًا لأنهم لما لم يصلوا إلى إدراك الأمور الدقيقة وفهم الدلائل القياسية كان ما عندهم من بعض العلم شبيهًا بالعَدَم إذ لم يبلغوا به الكمال الذي بلغه الراسخون أهل النظر، فيكون في ذلك مبالغة في تجهيلهم وهو مما يقتضيه المقام.
ولما كان في أسباب تكذيبهم الوعد بانتصار الروم على الفرس بعد بضع سنين أنهم يعدون ذلك محالًا، وكان عدهم إياهم كذلك من التباس الاستبعاد العادي بالمُحال، مع الغفلة عن المقادير النادرة التي يقدرها الله تعالى ويقدر لها أسبابًا ليست في الحسبان فتأتي على حسب ما جرى به قدره لا على حسب ما يقدره الناس، وكان من حق العاقل أن يفرض الاحتمالات كلَّها وينظر فيها بالسَبْر والتقييم، أنحى الله ذلك عليهم بأن أعقب إخباره عن انتفاء علمهم صدق وعد القرآن، بأن وصف حالة علمهم كلَّها بأن قُصارى تفكيرهم منحصر في ظواهر الحياة الدنيا غير المحتاجة إلى النظر العقلي وهي المحسوسات والمجريات والأمارات، ولا يعلمون بواطن الدلالات المحتاجة إلى إعمال الفكر والنظر.
والوجه أن تكون {من} في قوله: {من الحياة الدنيا} تبعيضية، أي يعلمون ظواهر ما في الدنيا، أي ولا يعلمون دقائقها وهي العلوم الحقيقية وكلها حاصلة في الدنيا.
وبهذا الاعتبار كانت الدنيا مزرعة الآخرة.
والكلام يشعر بذم حالهم، ومحطُّ الذم هو جملة {وهم عن الآخرة هم غافلون}.
فأما معرفة الحياة الدنيا فليست بمذمة لأن المؤمنين كانوا أيضًا يعلمون ظاهر الحياة الدنيا، وإنما المذموم أن المشركين يعلمون ما هو ظاهر من أمور الدنيا ولا يعلمون أن وراء عالم المادة عالمًا آخر هو عالم الغيب.
وقد اقتُصر في تجهيلهم بعالم الغيب على تجهيلهم بوجود الحياة الآخرة اقتصارًا بديعًا حصل به التخلص من غرض الوعد بنصر الروم إلى غرض أهم وهو إثبات البعث مع أنه يستلزم إثبات عالم الغيب ويكون مثالًا لجهلهم بعالم الغيب وذَمًّا لجهلهم به بأنه أوقعهم في ورطة إهمال رجاء الآخرة وإهمالل الاستعداد لما يقتضيه ذلك الرجاء، فذلك موقع قوله: {وهم عن الآخرة هم غافلون} فجملة {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا} بدل من جملة {لا يعلمون} بدل اشتمال باعتبار ما بعد الجملة من قوله: {وهم عن الآخرة هم غافلون} لأن علمهم يشتمل على معنى نفي علم بمغيبات الآخرة وإن كانوا يعلمون ظواهر الحياة الدنيا.
وجملة {وهم عن الآخرة هم غافلون} يجوز أن تجعلها عطفًا على جملة {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا} فحصل الإخبار عنهم بعلم أشياء وعدم العلم بأشياء، ولك أن تجعل جملة {وهم عن الآخرة} الخ في موقع الحال، والواو واو الحال.
وعُبر عن جهلهم الآخرة بالغَفلة كناية عن نهوض دلائل وجود الحياة الآخرة لو نظروا في الدلائل المقتضية وجود حياة آخرة فكان جهلهم بذلك شبيهًا بالغفلة لأنه بحيث ينكشف لو اهتموا بالنظر فاستعير له {غَافلون} استعارة تبعية.
{وهُم} الأولى في موضع مبتدأ و{هم} الثانية ضمير فصل.
والجملة الاسمية دالة على تمكنهم من الغفلة عن الآخرة وثباتهم في تلك الغفلة وضمير الفصل لإفادة الاختصاص بهم أي هم الغافلون عن الآخرة دون المؤمنين.
ومن البديع الجمع بين {لا يَعْلَمون} و{يَعْلَمُون} وفيه الطباق من حيث ما دلّ عليه اللفظان لا من جهة متعلقهما.
وقريب منه قوله تعالى: {ولقَد عَلمُوا لمن اشتَرَاه ما لَهُ في الآخرَة من خلاق ولبئْسَ ما شَرَوْا به أنفُسَهُم لَو كَانُوا يَعْلَمون} [البقرة: 102]. اهـ.